البيوت الزجاجية المهجورة: مصدر قلق خفي للتنمية الزراعية الحديثة
في سياق دفع عجلة التحديث الزراعي، تُعدّ منشآت الصوب الزراعية، وخاصةً الصوب الزراعية والصوب البلاستيكية المستخدمة على نطاق واسع في الإنتاج الزراعي، بمثابة بنية تحتية أساسية تقاوم بفعالية قيود البيئة الطبيعية، وتُهيئ الظروف المناسبة لنمو المحاصيل. وقد حسّنت هذه الصوبات بشكل ملحوظ من إمكانية التحكم في الإنتاج الزراعي وكفاءته. وسواءً أكانت الصوب الزراعية تُستخدم لزراعة الخضراوات على نطاق واسع خارج موسمها، أم الصوب البلاستيكية الأكثر فعالية من حيث التكلفة ومرونة في البناء، فقد شكّلت كلاهما دافعًا هامًا للمناطق لتطوير زراعة عالية الكفاءة وزيادة دخل المزارعين. ومع ذلك، شهدت بعض المناطق في السنوات الأخيرة ظاهرة التخلي العشوائي عن الصوب الزراعية والصوب البلاستيكية بعد اكتمال بنائها. هذه الهياكل المهجورة لا تُصبح مجرد أكوام مهملة في الحقول فحسب، بل تُسبب أيضًا هدرًا كبيرًا للموارد، مما يُسبب سلسلة من المشاكل المُعقّدة للاقتصاد الريفي، وموارد الأراضي، والاستقرار الاجتماعي، والبيئة البيئية. وهكذا، أصبحت عقبة خفية تُعيق التطور عالي الجودة للزراعة الحديثة.
أولا: البعد الاقتصادي: هدر الموارد والخسائر الاقتصادية المتعددة
كان من المفترض أن يكون بناء وتشغيل الصوب الزراعية والصوب البلاستيكية محركات نمو اقتصادي لتعزيز التطوير الصناعي الزراعي. إلا أن التخلي عنها يُحوّلها مباشرةً إلى أعباء اقتصادية ثقيلة، مُسببًا خسائر فادحة.
1.1 تكاليف البناء والصيانة ضائعة تمامًا
تتطلب كلٌّ من الصوبات الزراعية (ذات الهياكل المعقدة نسبيًا ومعدات الدعم الكاملة) والصوبات البلاستيكية (التي تستخدم الأغشية البلاستيكية كمواد تغطية) استثمارات كبيرة في مراحل البناء الأولى. يشمل بناء الصوبات الزراعية تسوية الأرض، وتركيب الهياكل الفولاذية، وأنظمة التحكم في درجة الحرارة (مثل معدات التدفئة والتهوية)، وأنابيب الري، حيث تتراوح تكلفة الصوبات البلاستيكية الواحدة بين عشرات الآلاف ومئات الآلاف من اليوانات. على الرغم من انخفاض تكاليف الصوبات البلاستيكية، إلا أن بنائها - بما في ذلك تركيب الهياكل، وشراء الأغشية البلاستيكية عالية الجودة، وتجهيز معدات الري الأساسية - لا يزال يتطلب استثمارات أولية تتراوح بين آلاف وعشرات الآلاف من اليوانات. بعد اكتمال البناء، تُعد الصيانة اليومية أمرًا لا غنى عنه: إذ تحتاج الصوبات الزراعية إلى فحص وصيانة دورية لمعدات التحكم في درجة الحرارة والإضاءة، بينما تتطلب الصوبات البلاستيكية إصلاحًا دوريًا للأغشية التالفة وتقوية دعائم الهياكل. بمجرد التخلي عن هذه الصوبات الزراعية أو الصوبات البلاستيكية، تُهدر أموال البناء الأولي واستثمارات الصيانة اللاحقة بالكامل، مما يُسبب خسائر اقتصادية فادحة للمستثمرين الأفراد والتعاونيات، وحتى الحكومات المحلية. على سبيل المثال، استثمرت شركة زراعية في منطقة ما، بدعم حكومي، 5 ملايين يوان لبناء 20 بيتًا زراعيًا موحدًا، بهدف زراعة الفراولة عالية الجودة. إلا أن سوء وضع الشركة في السوق وخسارة فريقها الفني، أدى إلى توقف المشروع بعد 18 شهرًا فقط. وأصبحت هذه القواعد الزراعية الحديثة أرضًا قاحلة، بعد أن ضاعت ملايين اليوانات من الأموال تمامًا.
1.2 فقدان الفوائد الاقتصادية المحتملة ذات القيمة المضافة العالية
تكمن القيمة الأساسية للصوب الزراعية والصوب البلاستيكية في تحقيق زراعة المحاصيل خارج الموسم أو تربية الأصناف ذات القيمة المضافة العالية من خلال التنظيم البيئي الاصطناعي. يمكن للصوب الزراعية الاعتماد على التحكم الدقيق في درجة الحرارة لزراعة الخضراوات العضوية والزهور النادرة، بينما تُعد الصوب البلاستيكية مناسبة لزراعة البطيخ والفواكه والخضراوات الورقية خارج الموسم. وفي الوقت نفسه، يمكنها توسيع قنوات الإيرادات من خلال دمج تجارب القطف والسياحة الزراعية. ومع ذلك، فإن الصوب الزراعية والصوب البلاستيكية المهجورة لا تفشل فقط في خلق قيمة اقتصادية مستدامة، بل تجعل المناطق المحلية تفوت فرصة تطوير صناعات مميزة باستخدام الموارد الزراعية. خذ قرية كمثال: كانت تخطط في الأصل لزراعة الطماطم خارج الموسم في 10 صوب بلاستيكية، على أمل زيادة الدخل الجماعي للقرية بمقدار 100000 يوان سنويًا ودفع توظيف أكثر من 50 قرويًا. لسوء الحظ، بسبب سوء الإدارة اللاحقة، تم التخلي عن الصوبات. ونتيجة لذلك، فقد القرويون مصادر دخلهم الإضافية، وأصبح تطوير الاقتصاد الجماعي في القرية راكدا ــ الأمر الذي حوّل المشروع الأصلي لزيادة الدخل إلى مسعى مؤسف.
1.3 زيادة العبء على التمويل المحلي
في العديد من المناطق، يحظى بناء الصوب الزراعية والصوب البلاستيكية بدعم حكومي، بدءًا من دعم بناء هياكل الصوبات الزراعية وصولًا إلى شراء المعدات، مع وصول نسبة الدعم المالي لبعض المشاريع إلى ما بين 30% و50%. ويعني التخلي عن الصوبات الزراعية أن الأموال التي تستثمرها الحكومة لا تؤدي دورها في دفع عجلة التنمية الزراعية، بل تُصبح نفقات فعّالة. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه لمنع الصوبات الزراعية المهجورة من احتلال الأراضي المزروعة والتسبب في مخاطر على السلامة، يتعين على الحكومات المحلية استثمار أموال إضافية في هدم الهياكل المتداعية وتنظيف المرافق المتبقية. وفي بعض المناطق، يلزم تخصيص أموال لاستصلاح الأراضي. وتزيد هذه الاستثمارات اللاحقة من العبء على المالية المحلية، مما يشكل ضغطًا مزدوجًا يتمثل في دعم البناء ونفقات التنظيف.




